في عام 2011، وجدت أوروبا نفسها تواجه أزمة ديون دون أن تمتلك الأدوات الاقتصادية اللازمة، ولا التماسك السياسي لبنائها. كانت أزمة وجودية كادت أن تؤدي إلى انهيار اليورو.
بعد أربعة عشر عامًا، وجدت الحرب التجارية التي بدأها ترامب أوروبا غير مستعدة بنفس القدر، رغم امتلاكها هذه المرة الأداة الصحيحة، وهي الصلاحية الحصرية للتفاوض على الاتفاقيات التجارية الدولية نيابة عن دولها الأعضاء الـ27.
كانت النتيجة اتفاقية تجارية سلبية تضعف دورها في العالم وتجعلها عرضة لتفاقم انقساماتها الداخلية. لحظة مظلمة سيكون لها عواقب طويلة الأمد.
الاتفاقية غير متكافئة تمامًا: أوروبا لا تحصل على شيء. بالإضافة إلى ذلك، يكشف الاتفاق عن نفاق من يدافعون بالكلام عن التعددية، لكنهم في الواقع يقبلون بتوقيع اتفاقية تنتهك قواعد منظمة التجارة العالمية (WTO). إنها اتفاقية تظهر بشكل لا لبس فيه ضعفها.
لكن السؤال الحقيقي هو لماذا لم تختر أوروبا تحدي التنمر من ترامب والرد باستراتيجية انتقامية "العين بالعين" تعتمد على تحالفات استراتيجية مع دول أخرى. كان يمكن أن تستند هذه الاستراتيجية إلى اتفاقيات تجارية ذكية مع تلك الاقتصادات التي لدينا معها تكاملات مهمة، وكانت ستعزل الولايات المتحدة، متجنبة فخ المفاوضات الثنائية.
بالطبع، كان هناك خطر نشوب حرب تجارية، لكن العواقب الاقتصادية والسياسية لمثل هذا الصراع كانت ستكون أسوأ بالنسبة للولايات المتحدة منها بالنسبة لنا. لا ننسى أن الولايات المتحدة، مع الدين الهائل الذي يجب إعادة تمويله، كانت ستواجه أيضًا عواقب عزلتها على تقلبات سوق الديون.
لم تتبع أوروبا هذه الاستراتيجية لأنها تعتمد على الولايات المتحدة في دفاعها وفي التقنيات الرئيسية، ولكن أيضًا لأنها، رغم امتلاكها التفويض للتفاوض باسم جميع دول الاتحاد، تضعفها المصالح المتباينة بين دولها الأعضاء وحساسياتها السياسية المختلفة.
أوروبا هي ثالث أكبر قوة اقتصادية في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي، لكنها عملاق من طين.